المتحف المصري الكبير تحفة معمارية تتبارى مع عظمة الأهرامات التي يطل عليها مباشرة، حيث يمكن رؤية خلفيته عبر الواجهات الزجاجية الضخمة
يبدو المتحف المصري الكبير تحفة معمارية تتبارى مع عظمة الأهرامات التي يطل عليها مباشرة، حيث يمكن رؤية خلفيته عبر الواجهات الزجاجية الضخمة.

- التصميم العام: يمتزج المبنى بين الحداثة وروح الحضارة المصرية القديمة، إذ يتخذ شكلًا هرمياً مقطوع الرأس (شبه منحرف) كإيماءة عصرية للأهرامات المجاورة.
- الواجهة: تتكون من مثلثين كبيرين من الحجر الجيري والجرانيت، المواد التي استخدمها المصريون القدماء، مما يخلق إحساسًا بالصلابة والخلود. وبينهما تمتد واجهة زجاجية مائلة تمنح المشاهد إطلالة بانورامية على هضبة الجيزة.
- المنظور الشرعي: يُستحسن أن يبقى التركيز على القيمة الجمالية والهندسية لا الرمزية العقدية، وأن يُعرض التراث بروح علمية توضح أنه من تاريخٍ مضى، لا من معتقدٍ يُتبع. لا حرج في تصميم يعكس عبقرية العمارة المصرية القديمة ما دام الغرض منه إبراز الجانب الحضاري والتاريخي دون تعظيم رموزٍ أو معتقداتٍ كانت تُعبد من دون الله.
-
الساحة والمدخل: يؤدي طريق ملكي مرصوف إلى المدخل الرئيسي المهيب، وتُزين الأرضيات بفسيفساء من الأحجار تشبه تلك المستخدمة في المعابد. ويعلو البوابة كورنيش مصري تقليدي يضفي طابعًا فرعونيًا أصيلًا.
-
المنظور الشرعي: هذا الطابع الفني لا إشكال فيه ما دام مقصوده حفظ الهوية التاريخية لا الإيحاء بالقداسة أو التمجيد الديني. فالشرع يجيز توثيق الحضارات بشرط خلوها من الرموز التعبدية.

★ باحة الاستقبال (الأتريوم):
عند تجاوز المدخل، تُفاجأ بمساحة شاسعة ومفتوحة تصل إلى السقف، هي واحدة من أكبر الباحات المغطاة في العالم.
- السقف: هيكل معماري مذهل من الشبكات الفولاذية والزجاج، يسمح للضوء الطبيعي بالفيضان على المساحة، مما يخلق جوًا من الروعة والاتساع.
- التصميم الداخلي: الأعمدة الضخمة مكسوة بالجرانيت، والأرضيات من الرخام المصقول، والألوان مستوحاة من أرض مصر، مثل الذهبي والبيج والبني.
- المنظور الشرعي: لا حرج في هذا الاستخدام الفني؛ فالجمال في الإسلام محمود ما دام في حدود الاعتدال، إذ يقول النبي ﷺ: «إن الله جميل يحب الجمال».
- السلالم الكبرى: درج ملكي ضخم يصعد نحو الطوابق العلوية، وجدرانه الجانبية منقوشة بزخارف مستوحاة من جدران المعابد القديمة، معدّة لعرض القطع الأثرية الكبرى.
- المنظور الشرعي: يمكن عرض القطع الأثرية التاريخية بغرض التعلم والعظة، كما قال تعالى: «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ» (الروم: 42). لكن يُراعى أن تكون العروض خالية من مشاهد تمجّد الشرك أو تثير الانبهار بالباطل دون نقد علمي.
★ صالات العرض:
-
التصميم: صالات ذات ارتفاعات عالية وإضاءة محكمة تخلق جوًا من الوقار. الإضاءة مركزة على المعروضات، بينما تظل الممرات خافتة، لتشجيع الزائر على التأمل.
المنظور الشرعي: التأمل في آثار الأمم السابقة مقصد نبيل إن كان الغرض منه العبرة، لا الإعجاب بما خالف التوحيد.
-
الجدران والألوان: خلفيات محايدة وأخرى داكنة لإبراز الجمال الفني للمعروضات.
-
المنظور الشرعي: لا إشكال في توظيف الألوان والفن كوسيلة تعليمية وثقافية، إذ يُشجّع الإسلام على العلم والاطلاع، ما دام المعروض لا يثير شبهة تعظيم أو عبادة.
-
الفتحات والعناصر المعمارية: نوافذ وسقوف تسمح بتسلل الضوء الطبيعي في محاكاة لجمال العمارة القديمة.
-
المنظور الشرعي: هذا التوظيف الفني جائز، بل يُعدّ من إحياء روح الإبداع التي دعا إليها الإسلام حين جعل التفكر في الكون وسيلة لمعرفة عظمة الخالق.
★ التماثيل: المعنى الحضاري والمنظور الشرعي
-
من المنظور الحضاري:
يضم المتحف المصري الكبير مجموعة ضخمة من التماثيل الحجرية والبرونزية، تُعرض بطريقة علمية دقيقة تُبرز ملامح الفن المصري القديم، الذي تميز بالدقة والتوازن والرمزية.
أشهر هذه القطع تمثال الملك رمسيس الثاني، الذي يستقبل الزائر في بهو المدخل بارتفاع يقارب 11 مترًا. كما توجد تماثيل لملوكٍ وملكات، وآلهةٍ كانت تُعبد في العقيدة المصرية القديمة، مع شروحات علمية توضح وظائفها الرمزية والدينية آنذاك.الهدف من عرض هذه التماثيل هو حفظ التراث المادي ودراسة تطور الفن والنحت والفكر الإنساني عبر العصور.
-
من المنظور الشرعي:
تناول الفقهاء موضوع التماثيل من جوانب متعددة، ويمكن تلخيص الموقف الشرعي في ضوء السياق الحالي كالتالي:
-
التماثيل التي تُعرض للدراسة أو التوثيق التاريخي لا للتقديس أو الزينة:
جمهور العلماء المعاصرين يرون جواز عرضها في المتاحف إذا كان المقصد منها علميًا أو ثقافيًا، لأنها لا تُعبد ولا تُعظَّم، ولا يُقصد بها الزينة في البيوت.
قال تعالى: «قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» (آل عمران: 137). فالعبرة بالتاريخ والعظة لا بالتقليد.
-
النية والمقصد أساس الحكم:
إن كان الغرض منها الإلهام الفني والتعريف بالحضارة دون اعتقاد أو تمجيد، فلا حرج في عرضها ولا في زيارتها، لأنها جزء من دراسة الإنسان لتاريخه.
-
ضوابط عامة:
– يُستحب أن تكون طريقة العرض مصحوبة بتوضيحٍ يبيّن أن هذه التماثيل كانت تُعبد من دون الله، ليخرج الزائر بعبرة لا بانبهار.
– يجب أن تُعرض في سياق علمي لا تعبدي، وألا تُستخدم كرموزٍ للبركة أو الحماية أو الطاقة، فذلك يدخل في باب الشرك المنهي عنه.
– كما يُستحسن أن تُحاط العروض برسائل تربط بين الماضي والعبرة الإيمانية منه، حتى تبقى الزيارة تجربة تثقيفية لا انبهارية.
★ العناصر الجمالية:
-
النقوش: محفورة بدقة، مستوحاة من الفن المصري القديم، وتقتصر على الرموز الزخرفية والهندسية.
المنظور الشرعي: إن اقتصر استخدامها على الجانب الفني والتاريخي دون محاكاة طقوس أو رموز شركية، فهي جائزة وتُعد توثيقًا بصريًا للتراث.
-
المياه: وجود أحواض ونوافير داخلية يضفي بعدًا من السكون والجمال مستوحى من نهر النيل.
المنظور الشرعي: استخدام عناصر الطبيعة في التصميم من الأمور المباحة التي تدعو إلى التأمل في خلق الله وجمال أرضه.
★ الخلاصة والجو العام
- الروح السائدة في المتحف المصري الكبير هي روح الخلود والجلال الحضاري، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في مشهد معماري فريد.
- من المنظور الشرعي، يُعد هذا المتحف شاهدًا على قدرة الإنسان وإبداعه في إعمار الأرض، بشرط أن يُقدَّم التراث بروح العبرة لا بروح التقديس، وبمنهج علمي يذكّر الناس بأن الحضارات وإن بلغت مجدها، فمصيرها الزوال ما لم ترتكز على القيم والإيمان.
وبذلك يصبح المتحف المصري الكبير فضاءً يذكّر بعظمة الإنسان حين يسير في طريق العلم والعمران، ويذكّر أيضًا بضعفه حين يعبد الحجر وينسى خالقه.
★★★ قنوات #الأكاديمية_الدولية_لتطوير_الذات على تليجرام:
القناة الرئيسية | قناة الأسرة والطفل | المكتبة الإلكترونية | القناة الدينية (علم نافع)
شكرًا لمشاركتكم وتفاعلكم معنا.
نحرص على احترام خصوصيتكم، لذلك نعرض المشاكل بشكل عام دون الكشف عن التفاصيل الشخصية.
إذا وجدت نصائحنا مفيدة، أو كان لديك استفسار أو مشكلة أخرى، لا تتردد في مشاركتها معنا عبر
رابط الرسائل
كما يمكنكم حجز استشارة خاصة أونلاين واختيار خطط الدفع المناسبة لكم من خلال
رابط الحجز
نسأل الله لكم التوفيق والسداد، ونتطلع دائمًا لرسائلكم ومشكلاتكم.