2020-10-09 15:15:21
خاتمة:
يُعدّ زواج التجربة ظاهرةً جديدةً تُثير العديد من الجدل بين مختلف فئات المجتمع. ونظرًا لما له من أضرارٍ على المستويين النفسي والأخلاقي، ولعدم وجود سندٍ شرعيٍ أو قانونيٍ له، فإنّه يُعتبر ممارسةً خاطئةً لا تُشجّع عليها الشريعة والقانون.
في الآونة الأخيرة، انتشرت هذه الظاهرة الخطيرة للأسف في المجتمعات العربية، ظاهرة "زوج التجربة". وتقوم هذه الظاهرة على رغبة بعض الأشخاص في الدخول في تجربة زواج مؤقتة محددة المدة، بهدف تقييم التوافق بين الزوجين قبل اتخاذ قرار الزواج الدائم.
حكم الشرع في زوج التجربة:
أجمع علماء المسلمين على تحريم زوج التجربة بشكل قاطع، وذلك للأسباب التالية:
* مخالفة الشريعة الإسلامية: يُعدّ زوج التجربة مخالفاً للشريعة الإسلامية، حيث لم يرد أي دليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة يُبيح هذه الظاهرة.
* التلاعب بمشاعر الآخرين: يُعدّ زوج التجربة نوعاً من التلاعب بمشاعر الآخرين، واستغلالهم لتحقيق رغبات شخصية.
* هدم القيم والأخلاق: يُهدد زوج التجربة القيم والأخلاق الإسلامية، ويُشجّع على انتشار الفاحشة في المجتمع.
البدائل الشرعية:
يُمكن للشباب الراغبين في الزواج التأكد من التوافق بينهم من خلال الخطبة الشرعية، والتي تُتيح لهم فرصة التعرف على بعضهم البعض بشكل أفضل، دون الدخول في علاقة محرّمة.
وفى بيانها أهابت دار الإفتاء المصرية، بجميع فئات المجتمع عدم الانسياق وراء دعوات حَدَاثة المصطلحات فى عقد الزواج التى يَكْمُن فى طَيَّاتها حُبُّ الظهور والشُّهْرة وزعزعة القيم، مما يُحْدِث البلبلة فى المجتمع، ويُؤثِّر سَلْبًا على معنى استقرار الأُسْرة وتَماسكها، وهو ما حَرَص عليه ديننا الحنيف ورَعْته قوانين الدولة المصرية.
وأَكَّدت الدار -فى بيانٍ لها تعليقًا على دعوات ما يُسْمَّى إعلاميًّا بـ"زواج التجربة"- أنَّ هذا المسمى الجديد لعقد الزواج رغم حَدَاثة اسمه فإنه يحمل معانى سلبية دخيلة على قيم المجتمع المصرى المتدين، الذى يَأبى ما يخالف الشرع أو القيم الاجتماعية؛ فالزواجَ فى الإسلام عقدٌ مَصونٌ، عَظَّمه الشرع الشريف، وجَعَله صحيحًا بتَوفُّر شروطه وأركانه وانتفاء موانعه، شأنه كشأن سائر العقود.
جيهان حسين : استشاري نفسي وأسري
وشددت دار الإفتاء، على أَنَّ اشتراط مَنْعِ الزوج مِن حقه فى طلاق زوجته فى فترة معينة بعد الزواج؛ هو مِن الشروط الباطلة؛ لأنَّ فيه إسقاطًا لحقٍّ أصيل للزوج جعله الشرع له، وهو حق التطليق، فاشتراطُ هذا الشرط إن كان قَبْل عقد الزواج فلا مَحْل له، وإن كان بَعْده فهو شرطٌ باطلٌ؛ فيصح العقد ويبطل الشرط فى قول جميع الفقهاء.
أما عن بعض الشروط الأخرى التى يتم كتابتها فى عقد الزواج، فأوضحت الدار أَنَّ اشتراط ما فيه مصلحة لأحد العاقدَين، مما سكت الشرع عن إباحته أو تحريمه، ولم يكن منافيًا لمقتضَى العقد، ولا مُخِلًّا بالمقصود منه، بل هو خارج عن معناه، كأن تشترط الزوجة على زوجها أن لا يُخرِجَها مِن بيت أبوَيها، أو أن لا ينقلها من بلدها، أو أن لا يتزوَّج عليها إلا بمعرفتها؛ فمثل هذا النوع من الشروط صحيحٌ ولازمٌ، وَفْق ما يراه بعض العلماء، وهذا هو الأقرب إلى عمومات النصوص والأليق بأصول الشريعة؛ وذلك لما رواه الشيخان عن عُقبَةَ بن عامر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَن تُوفُوا ما استَحلَلتُم به الفُرُوجَ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسلِمُون على شُرُوطِهم».
وقالت دار الإفتاء: "إن تَجَنُّب الخلافات الزوجية لا يكون مَسْلكه وضع الشروط الخاصة والحرص على كتابتها تفصيلًا فى وثيقة الزواج الرسمية، أو إنشاء عقدٍ آخرٍ منفصلٍ موازٍ لوثيقة الزواج الرسمية، بل سبيله مزيد من الوعى بمشاورة المختصين، والتنشئة الزوجية السليمة، والتأهيل للزوجين بكافة مراحله"، مشيرة إلى أَنَّ هذا هو ما تحرص عليه دار الإفتاء المصرية عبر إداراتها المختلفة فى سبيل خَلْق وَعى وإجراءات وقائية لضمان استمرار الحياة الزوجية، وذلك عن طريق عدة دورات متخصصة لتوعية المُقْبِلين على الزواج، وطُرُق حل المشكلات الأسرية.
ونشرت الصفحة الرسمية لدار الافتاء توضيحا لبيان رأيها فى زواج التجربة، نشرته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، قالت فيه: من خلال متابعة تعليقات المشتركين على الصفحة نود التأكيد على الآتى ردا على الاستفسارات الكثيرة التى وردت إلينا:
أولاً: ليس معنى «زواج التجربة» أن يتم تجربة الزواج بين الرجل والمرأة لفترة محددة بوقت، فالشرع الشريف يَمْنَع هذا ويحرمه بشكل قاطع، وعلى الرغم مِن أنَّ مجرد اسم «زواج التجربة» معناه اللفظى سيئّ ؛ إلَّا أنَّ العلماء لا ينظرون إلى الاسم لكى يحكموا على عقد الزواج بكونه حلالًا أو حرامًا، بل ينظرون إلى مضمون العقد.
والواضح أن من أطلق هذا الوصف على هذا الزواج أراد أن يحقق مكاسب دعائية على حساب القيم المجتمعية الراسخة بشأن الأسرة.
ثانياً: مضمون العقد فى ما يُطلق عليه «زواج التجربة» يجعلنا نقول: إنَّ الشروط التى يشتمل عليها هذا العقد نوعان:
النوع الأول: اشتراط مَنْعِ الزوج مِن حقه فى طلاق زوجته فى فترة معينة بعد الزواج، وهذا شرط باطلٌ، فإذا وَقَع عقد الزواج به؛ فالعقد صحيح، وهذا الشرط بخصوصه باطلٌ كأنَّه لم يكن.
النوع الثاني: بعض الشروط الأخرى التى يَظُنُّ الزوجُ أو الزوجةُ تحقيق مصلحةٍ بوجودها؛ كأن تشترط الزوجة على زوجها أن لا يُخرِجَها مِن بيت أبوَيها، أو أن لا ينقلها من بلدها، أو أن لا يتزوَّج عليها إلَّا بمعرفة كتابية منها؛ فهذه الشروط صحيحة، ويلزم الوفاء بها من الطَّرَفين.
ولا فرق فى هذه الشروط السابقة بين كتابتها وإثباتها فى وثيقة الزواج الرسمية الصادرة من وزارة العدل، أو إنشاء عقدٍ آخرٍ منفصلٍ موازٍ لوثيقة الزواج الرسمية.
ثالثاً:
الحراك الإعلامى حول مبادرة «زواج التجربة» سواء بالتحقير غالبا أو بالسخرية أحيانا، يجعلنا نقول: إنَّ المشكلات الأسرية -المُتوقَّعة أو الحاصلة- ليس محلها الفضاء الإلكتروني، بل بمراجعة أصحاب الاختصاص، وتأهيل الزوجين لحياةٍ مستدامةٍ بينهما قال لها الله تعالى فيها: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].
رابعاً:
نهيب بالسادة الأفاضل متابعى الصفحة تفويت الفرصة على محبى الشهرة ومروجى الأجندات التى تهدف إلى زعزعة القيم الأسرية والانتقال إلى ما أهو أكثر نفعا والانشغال بصلاح الدنيا والدين.
وتأكيدا لما ورد ببيان الدار والذى سبق وأن أصدر مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، بيانا بهذا الشأن، قال فيه إنَّ الزَّواج فى الإسلام آية من أعظم آيات الله سبحانه، وميثاق سمَّاه الله سبحانه مِيثاقًا غليظًا، ومنظومة مُتكاملة تحفظ حقوق الرَّجل والمرأة، وبقاء زواجهما، وسعادتهما، وتحفظ ما ينتج عن علاقتهما داخل إطاره من أولاد، مؤكدا من أهمِّ دعائم نجاح هذه المنظومة هو قيام عقد الزواج بين الرجل والمرأة على نيَّة الدَّيمومة والاستمرار، والتحمّل الكامل لمسئولياته كافَّة، لا أن يقوم على التأقيت، وقصد المُتعة إلى أجل حدده الطرفان سلفًا مقابل مبلغ من المال يدفعه الرجل للمرأة -وإن سمياه مهرًا-، دون اكتراث بما يترتب عليه من حقوق ومسئوليات وأبناء وبنات.
على الجانب الآخر كفل الإسلام لكلا طرفى هذا العقد الحُرَّين البالغين العاقلين الرَّشيدين حق إنهاء الزوجية فى أى وقت استحالت فيه العِشرة بينهما، دفعًا لضرر مُحقَّقٍ لا يُحتَمل مِثلُه عادةً ، وجَعَل حَلّ هذا العقد بيد الزوج عن طريق الطَّلاق، أو الزوجة عن طريق الخُلع، أو القاضى عند التَّرافع إليه لرفع الضَّرر عن المرأة مع حفظ حقوقها الشَّرعية.
أمَّا عن صورة عقد الزواج المُسمَّى بـ «زواج التجربة» فإنها تتنافى مع دعائم منظومة الزواج فى الإسلام، وتتصادم مع أحكامه ومقاصده؛ إضافةً إلى ما فيها من امتهان للمرأة، وعدم صونٍ لكرامتها وكرامة أهلها، وهذه الصورة عامل من عوامل هدم القيم والأخلاق فى المجتمع، فزواج التجربة -كما قرَّر مُبتدعوه- هو زواج محظور فيه على كلا الزوجين حَلّه بطلاق من الزوج، أو خلع من الزوجة، أو تفريق من القاضى مدة خمس سنوات، أو أقل أو أكثر، على أن يكون ذلك شرطًا مُضمَّنًا فى عقد الزواج إلى جوار شروط أخرى يتفق عليها طرفاه.
ثم كثرت الأقاويل حول مصير هذا العقد بعد انتهاء مدة التَّجربة المنصوص عليها، فى حين اختار بعضُ المتحمسين لهذا الزواج -أو إن شئت قلت: الابتداع- أن ينتهى عقدُه بانتهاء المدة المقررة؛ ليضاف بهذا إلى جوار شرط «حظر الطلاق» شرطٌ آخر هو «التَّأقيت».
وعلى أيةِ حالٍ؛ فإن هذا الزَّواج فى الشَّرع الشَّريف يندرج تحت مُسمَّى الزَّواج المشروط، غير أن الشروط فى عقود الزواج على ثلاثة أقسام:
تهتم الأكاديمية الدولية لتطوير الذات بتقديم التدريب والاستشارات النفسية والأسرية عبر الإنترنت، وتتميز بمنهج علمي متكامل في مجالات الصحة النفسية والإرشاد الأسري، وعلاج سلوكي للإدمان، والتنمية البشرية، وتطوير الذات واللايف كوتشينج. كما توفر الأكاديمية دبلومات متخصصة في إعداد المدربين المحترفين TOT وتحليل الشخصية ولغة الجسد وأنماط الشخصية وعلم قراءة الوجوه والفراسة. وتقدم الأكاديمية خدمات مجانية لجميع الفئات والأعمار في الوطن العربي. يمكن لدينا مزيد من المعلومات عن خدماتنا وبرامجنا، يمكنك الاطلاع على المزيد من المعلومات على صفحات مقالاتنا. اقرأ المزيد.