تطوّر الإرشاد الأسري عبر العقود ليصبح علمًا قائمًا بذاته، يجمع بين الخبرة العملية والفهم النظري للأسرة وتفاعلاتها. تطور الإرشاد الأسري: التاريخ والنظريات العالمية والعربية يسلط الضوء على الرحلة الطويلة التي بدأتها الدراسات في الغرب، مرورًا بتشكيل النظريات الأساسية، وصولًا إلى تطبيقاته الحديثة في الدول العربية مثل الكويت والإمارات وعُمان والسعودية وتونس، حيث يُستخدم الإرشاد لدعم التفاهم وحل النزاعات وتعزيز التوازن النفسي بين أفراد الأسرة.
الإرشاد الأسري أصبح أحد الركائز الأساسية لفهم ودعم العلاقات داخل الأسرة. عبر التاريخ، ظهرت نظريات متعددة تناولت كيفية تعزيز التواصل، حل النزاعات، ودعم الصحة النفسية للعائلة. سنتناول في هذه المقالة تطور الإرشاد الأسري من بداياته العالمية إلى تطبيقاته الحديثة في العالم العربي.
الإرشاد الأسري هو عملية تهدف إلى دعم الأسرة في مواجهة المشاكل اليومية، تعزيز التفاهم بين الأعضاء، وتحقيق التوازن العاطفي والنفسي داخل البيت. يختلف الإرشاد عن العلاج النفسي التقليدي بتركيزه على العلاقات الأسرية وليس الفرد فقط.
تعريف آخر للارشاد الأسري: هو عملية مساعدة أفراد الأسرة فرادى أو كجماعة في فهم الحياة الأسرية ومسؤلياتها لتحقيق الاستقرار والتوافق الأسري وحل المشكلات الأسرية . ويمكن تعربفه أيضاً بأنه عملية مساعدة جميع أفراد الأسرة فرادى أو جماعة لفهم متطلبات الحياة العائلية وما يتصل بها من حقوق وواجبات متبادلة
يتفق ( 1967, Patterson; 1954, Pepinsky & Pepinsky ) على أن الإرشاد هو علاقة فريدة تتسم بالسرية (confidentiality) والتفاعل ( interaction ) (الاتصال العقلي والعاطفي ) بـين شخص أو مجموعة أشخاص يواجهون مشكلة معينة مع مساعد يمتلك المهارة skills ويعمـل على توفير الأوضاع التي تسهم في حل المشكلة وتغيير السلوك بما يتفق مـع أهـداف وقـيم المسترشد.
علم يهدف إلى مساعدة الأسرة في حل مشكلاتها ، وتفهم ظروفها والتعرف على سلبياتها وإيجابياتها ، من أجل تحقيق التوافق الأسري ، والإرشاد ممارسة فنية وعلمية وفن من فنون العلاقات الاجتماعية اعتبر الإرشاد الأسري من التخصصات الدقيقة، حيث أخذ اهتماماً كبيراً على مستوى العالم، منذ النصف الثاني من القرن العشرين. والملفت للنظر أن الإرشاد الأسري يرتبط بأكثر من تخصص، إذ يهتم به المتخصصون في الخدمة الاجتماعية والطب النفسي وعلم النفس ، ولعل هذا ما ساهم في تسريع حركة تطوره كشكل من أشكال التوجيه والإرشاد.
- بدأ الإرشاد الأسري في الغرب خلال القرن العشرين، مع التركيز على العلاج النفسي الأسري ونظريات التواصل.
- تطورت البرامج لتشمل العلاج السلوكي، الإرشاد النفسي، العلاج النظامي، والإرشاد الوقائي.
- مع مرور الوقت، تم دمج الثقافات المختلفة لتطبيق الإرشاد بشكل يناسب كل مجتمع.
- لتوضيح كيف طبقت هذه النظريات في مصر والكويت والإمارات وعُمان والسعودية وتونس.
- نظرية الأنظمة الأسرية: تعتبر الأسرة نظامًا متكاملًا، ويؤثر كل فرد على الآخر.
- نظرية العلاقات: تركز على تحسين التواصل وبناء علاقات صحية بين الزوجين والأبناء.
- العلاج السلوكي المعرفي: يعالج الأفكار والسلوكيات السلبية التي تؤثر على الأسرة.
★★ الإرشاد الأسري في العالم العربي: مصر والكويت والإمارات وعُمان والسعودية وتونس
مع تطور الإرشاد الأسري في الغرب، بدأت الدول العربية بتبني هذا التوجه، مع اختلافات في الأولويات والتحديات حسب كل مجتمع:
تعتبر مصر نموذجًا مهمًا للعلاقات الأسرية العربية، حيث تجمع بين التقاليد والقيم العائلية مع التغيرات الحديثة في المجتمع. تواجه الأسر المصرية تحديات مرتبطة بضغوط العمل والتعليم والتكنولوجيا الحديثة، ويبرز هنا دور الإرشاد الأسري في تعزيز الحوار والتفاهم بين الزوجين والأبناء، وحل الخلافات بطريقة واعية، مع الاهتمام بالجانب النفسي لكل فرد في الأسرة.
مع تطور الإرشاد الأسري في العالم الغربي، بدأت دول عربية مثل الكويت والإمارات وعُمان والسعودية وتونس بتبني هذا التوجه: أمثلة الدول الأخرى (مقتضبة)
تركز برامج الإرشاد في الكويت على تعزيز الحوار العائلي لمواجهة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.... تحديات حديثة وحلول عملية يشهد المجتمع الكويتي تغيرات سريعة أثّرت على شكل الأسرة، مع تعلم مهارات التعبير عن الاحتياجات بدون لوم، وإعطاء "وقت عائلي نوعي" يوميًا.
خصوصًا مع ضغوط العمل وارتفاع تكاليف المعيشة. أكثر المشكلات انتشارًا تتعلق بالتواصل الضعيف بين الأزواج والميل إلى الكتمان العاطفي. لذلك يوصى بالتركيز على الحوار الهادئ المنتظم، وتعلّم مهارات التعبير عن الاحتياجات بدون لوم، إضافة إلى تعزيز وجود “وقت عائلي نوعي” ولو لعدة دقائق يوميًا. هذه الخطوات تُعد فعَّالة جدًا داخل الأسرة الكويتية.
يدمج الإرشاد في الإمارات بين فهم أنماط الحياة السريعة والوعي العاطفي داخل الأسرة. ... بين نمط الحياة السريع والحاجة للاتزان العاطفي في الإمارات تتأثر العلاقات الأسرية بوتيرة الحياة السريعة، وضغط العمل، وتعدد الثقافات داخل المجتمع. الكثير من الخلافات الزوجية تنشأ بسبب انشغال الطرفين وعدم وجود وقت كافٍ للحوار. الحل يبدأ من وضع “قواعد اتصال” واضحة داخل العلاقة، مثل تخصيص وقت يومي للحديث، والاتفاق على أسلوب لحل المشكلات بعيدًا عن الانفعال. كما أن بناء الذكاء العاطفي أصبح عنصرًا أساسيًا لنجاح الأسرة في الإمارات.
تُمارَس عُمان مهارات الإصغاء والمصارحة الهادئة للحفاظ على التماسك الأسري والتعبير العميق... هدوء اجتماعي يحتاج إلى وعي نفسي أعمق يتسم المجتمع العُماني بالهدوء والتماسك الأسري، لكن هذا لا يمنع وجود تحديات مثل ضعف التعبير العاطفي أو تأجيل حلّ المشكلات. كثير من الأزواج في عُمان يميلون إلى تجنب المواجهة، مما يؤدي لتراكم الضغوط. لذلك يُنصح باعتماد أسلوب “المصارحة الهادئة” وتعلم مهارات الإصغاء، إضافة إلى تعزيز العلاقة الزوجية من خلال الاهتمام المشترك والحديث عن الاحتياجات النفسية بوضوح.
يزداد الاهتمام في السعودية بتحديد الأدوار داخل الأسرة وتنمية التفاهم لتجاوز التحديات.... تأثير الضغوط الاجتماعية والمسؤوليات الأسرة السعودية تواجه تحديات مرتبطة بتعدد المسؤوليات وتسارع المتغيرات الاجتماعية. كثير من الخلافات الزوجية تظهر بسبب سوء الفهم، أو اختلاف توقعات كل طرف من الآخر. أفضل الأساليب الفعّالة هنا هي: إدارة الحوار بدون انفعال، الاتفاق على قواعد لحل المشاكل، والتعامل مع الغضب بطريقة صحية. أيضًا ينصح بتعزيز التفاهم بين الزوجين من خلال تحديد أهداف مشتركة للأسرة.
تمرّ العديد من الأسر التونسية بضغوط اقتصادية ونفسية تؤثر على جودة العلاقة بين الشريكين. كثير من الخلافات تبدأ من انفعال لحظي ثم تتطور دون سبب حقيقي. لذلك يعد تعلّم مهارات إدارة الانفعال — مثل التنفس العميق، وتأجيل الرد وقت الغضب، والعودة للحوار بعد الهدوء—من أهم أدوات الاستقرار. كما أن تخصيص لحظات دعم نفسي بين الزوجين، حتى بكلمات بسيطة، يساعد على تخفيف التوتر وتحسين العلاقات بشكل واضح.
الهدف العام
الهدف العام للإرشاد الأسري هو مساعدة أفراد الأسرة على النمو السليم من خلال تنمية علاقات إيجابية بينهم من أجل تحقيق السعادة للأسرة والمجتمع .
الأهداف الخاصة
-
تعليم أصول التنشئة الاجتماعية .
-
حل وعلاج المشكلات والاضطرابات .
-
تحقيق التوافق النفسي في الأسرة .
-
مساعدة أعضاء الأسرة في تحديد السلوك الجديد الذي يرونه مناسبًا للتخلص من مشاكلهم .
-
محاولة تحقيق الانسجام والتوازن في العلاقات بين أعضاء الأسرة؛ والعمل على تحقيق نمو الشخصية وأدائها لوظائفها في جو أسري مشبع.
ظهر الإرشاد والعلاج الأسري في الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا منذالسبعينات ، ومنذ ذلك الحين وهو يكتسب آفاقا جديدة في أماكن شتى من خلال ما يكتب من أنصار جدد من المرشدين والمعالجين الذين يرون فيه أسلوبًا أكثر كفاءة من غيره. ولكن ينبغي الإشارة إلى أن هذا الأسلوب بدأ كطريقة إرشادية وعلاجية واضحة المعالم قبل فترة السبعينات في الولايات المتحدة الأمريكية،إذ يعود ذلك إلى فترة الخمسينات ، رغم أن هناك بعض العوامل أيضا التي ساعدت في ظهور هذا النوع من الإرشاد والعلاج قبل تلك الفترة وهي الفترة التي تميزت بسيادة الاتجاه التحليلي النفسي الذي استقطب اهتمام وجهود كثيرة من المعالجين.
► يمكن حصر خمسة اتجاهات أساسية في الإرشاد والعلاج الأسري، وهي:
-
الاتجاه السيكودينامي.
-
الاتجاه السلوكي.
-
الاتجاه المعرفي.
-
الاتجاه النسقي.
-
الاتجاه البنائي.
-
العلاج الأسري الوظيفي
برنامج الإرشــاد الأسري هو تلك الخطوات أو المراحل المتتابعة، التي من خلالها يقدم المرشد للمسرشد بشكل تعاوني العملية الإرشادية التي تحول الإرشــاد الأسري من مجرد نصائح وآراء إلى جهود مهنية تطبيقية تبدأ مع إحالة المسترشد حتى إقفال وإنهاء الحالة ، وتحقيق عائد الإرشــاد الأسري ، لذلك يعد تصميم البرامج الإرشادية هو النشاط المستمر المشترك بين مؤسسة الإرشـــاد الأسري والمسترشد.
★ في النهاية:
- الإرشاد الأسري يمثل حجر الأساس لفهم العلاقات داخل الأسرة ودعم استقرارها النفسي والاجتماعي. في هذه المقالة "تطور الإرشاد الأسري: التاريخ والنظريات العالمية والعربية" استعرضنا رحلة الإرشاد الأسري منذ بداياته في الغرب، مرورًا بتطوره النظري والعملي، وصولًا إلى تطبيقاته الحديثة في العالم العربي. سنتعرف على أهم النظريات التي شكلت الإطار العلمي للإرشاد الأسري، ونسلّط الضوء على كيف تبنت دول عربية مثل الكويت والإمارات وعُمان والسعودية وتونس هذا المجال لتعزيز التفاهم الأسري وحل الخلافات بطرق علمية وعملية.
- الإرشاد الأسري تطوّر عبر العقود من منظور نظري وعلمي عالمي، وتكيّف مع خصوصية المجتمعات العربية. فهم هذا التطور يساعد المهتمين على تطبيق برامج فعّالة تناسب الأسرة العربية المعاصرة