2019-12-15 18:29:40
المحتوى :
الخيانة الزوجية من الظواهر الاجتماعية التي عرفها المجتمع البشري في مختلف العصور، وإن اختلف مفهوم الخيانة اختلافات طفيفة بين ثقافة وأخرى وبين زمن وآخر، إلا أن جوهر القضية يبقى هو ذاته، شريك يخل بالتزام الوفاء والإخلاص الذي يربطه مع شريكه[1]، ويخضع مفهوم الخيانة الزوجية إلى وجهات نظر عديدة تتأثر بشكل أو بآخر بثقافة المجتمع وعاداته من جهة وبسمات الفرد الشخصية ومنطلقاته الفكرية من جهة أخرى، حيث يرى البعض أن الخيانة الزوجية لا بد أن تنطوي على علاقة عاطفية أو جنسية خارج الزواج، فيما يرى آخرون أن مجرد الانجذاب إلى مطرب أو شخصية مشهورة يعتبر خيانة زوجية.
في ضوء هذا الاختلاف في وجهات النظر يمكن القول أن :
الخيانة الزوجية هي إخلال بما تعاهد عليه الشريكان مسبقاً في ضوء معرفتهما ببعضهما، فإن كان الزوج مثلاً يعلم أن زوجته تعتبر إبداء الإعجاب بنجمات السينما ضرباً من ضروب الخيانة فهي كذلك في علاقتهما، والعكس صحيح، فالخائن هو من يأتي أو تأتي بفعل يعتبره الطرف الآخر بالعلاقة خيانة زوجية، مهما كانت درجة هذا الفعل أو طبيعته.
اقرأ أيضًا :
اخترنا أن نقف على أسباب الخيانة الزوجية في علم النفس[2]، وهي تختلف بالنسبة إلى الرجل عنها بالنسبة إلى المرأة، وسنقف عليها في الحالتين.
• الموروثات التربوية الاجتماعية الخاطئة أفرزت ثقافة سيادة الرجل على المرأة وتبعيتها له، وجعلتها خاضعة له، ولرغباته، بما فيها الجنسية أيضاً. وهذه الموروثات مجّدت الذكورة، واعتبرت القدرة الجنسية من أهم مميزات الرجولة، ما برّر للرجل أي سلوك يأتيه، بما في ذلك الخيانة.
• يرى بعض الرجال في التسلط أساساً لرجولتهم، فيمارسونه قولاً وفعلاً مع زوجاتهم وأبنائهم، ما يؤدي إلى سوء العلاقة بين الزوجين، وحيث إن الجنس لدى المرأة عادة ما يرتبط بالعاطفة أكثر منه عند الرجل، فتبدأ المرأة بصد زوجها والصد عنه، ما يضع العلاقة الحميمة في منزلة الفتور والبرود، فيتخذ الرجل من ذلك دافعاً للخيانة.
• تحوّل الحياة الجنسية من الرغبة المشتركة إلى واجب فقط.
• عدم الانسجام الثقافي أو الالتقاء الفكري بين الزوجين، ما يجعل المشاكل نتيجة حتمية لأي نقاش يثار بينهما، فيؤدي ذلك أيضاً إلى سوء العلاقة والفتور.
• الأصدقاء الخائنون، يمكن أن يؤثروا على قناعات الزوج، فينحرف شيئاً فشيئاً، حتى يصل إلى قناعة تبرر الخيانة لأي سبب كان.
• عدم قدرة الرجل على تفهم أسباب أي تقصير من جانب زوجته، فيعمد إلى التعويض مع امرأة أخرى.
• فشل الرجل في إثبات رجولته أمام زوجته، قد يؤدي أحياناً إلى الخيانة، من باب رغبته في إعادة التجربة مع امرأة أخرى.
• يلعب أحياناً اشتداد الأعباء دوراً سلبياً يجعل العلاقة الزوجية ضنكاً، فيلجأ الرجل إلى البحث عن متنفس خارج نطاق العلاقة الزوجية.
• نرجسية الرجل تؤدي في معظم الأحيان إلى إقامته علاقات متعددة مع النساء، إرضاءً لغروره.
• البحث عن كسر الروتين الذي يعتري العلاقة الجنسية في بعض الحالات.
• انشغال المرأة في العمل المنزلي والتربوي، على حساب نفسها، فيصبح إهمالها لنفسها مبرراً قوياً لبحث الزوج عن علاقات أخرى.
• هناك أمراض نفسية أو عضوية تلعب دوراً هاماً أيضاً، فقد سجلت بعض الحالات التي عاد السبب فيها إلى عقدة نفسية ناجمة عن سوء علاقة الرجل بأمه، فيبدأ بالانتقام من زوجته، أو بسبب الشبق الجنسي الذي يسببه لجوء الفتى إلى العادة السرية بشكل جائر، ما يجعل زوجته في المستقبل غير قادرة على تلبية رغبته بشكل دائم.
• البرود أو الضعف الجنسي لدى الرجل.
• الزواج القسري، الذي يتمثل في إجبار المرأة على الزواج من شخص ترفضه، ما يضعها في علاقة جنسية غير مرغوب فيها.
• غياب الزوج لفترات طويلة عن البيت، بالمعنيين الملموس والمحسوس، فقد يكون حاضراً غائباً، وهذا النوع أخطر من غيابه الحقيقي.
• هناك نساء يعانين من اضطرابات نفسية، تدفعهن دائماً لجذب أنظار كل من حولهن، ما يؤدي إلى تشوّشها حيال العلاقة الزوجية، فيتسبب ذلك على المدى البعيد في الخيانة الزوجية.
• ثمة نساء لا يمتثلن إلى قناعة التقدم في العمر، فإذا كان زوجها تقليدياً، سيدفعها ذلك بالطبع إلى البحث عمّن يؤكد لها أنها ما زالت تملك من العافية الجنسية والجمال ما يجذب الرجل.
• ممكن أن تكون الخيانة رد فعل لخيانة الزوج.
• تم تسجيل حالات خيانة يعود سببها إلى البحث عن المادة بالدرجة الأولى.
ويعتبر غياب الوازع الديني لدى أحد الزوجين يؤدي إلى استسهال فعل الخيانة، فيما يعزو آخرون ذلك إلى غياب الوازع الأخلاقي، باعتباره أشد وطأة ودافعية لهذا الفعل غير الأخلاقي الذي نبذته الأديان جميعها.
تختلف علامات الخيانة الزوجية عند الرجل عن علامات الخيانة الزوجية عند المرأة بشكل عام[3]، رغم وجود علامات متشابهة.
غالباً ما تظهر على الزوج الخائن علامات، إذا لاحظتها الزوجة يمكنها أن تكتشف الخيانة، أو أن تنتبه إلى الأمر على الأقل، وهنا مجموعة من هذه العلامات:
• التغير في شكله الخارجي: عادة ما يسعى الرجل الخائن إلى تغيير مظهره الخارجي، والاهتمام الزائد بتسريحة شعره، ووضع العطور الجذابة، والتي تتناسب مع ذوق عشيقته.
• المبالغة في السرية: يعمد الرجل الخائن إلى وضع الكلمات السرية على كل ما يخصه من هواتف نقالة، والاحتفاظ بكلمة السر الخاصة بعنوانه البريدي، أو حسابه على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي.
• الحرص الزائد على الهاتف النقال: غالباً ما يسعى الرجل الخائن لوضع هاتفه النقال بجانبه دائماً، حتى عند النوم يضعه عند رأسه، وعند وجودك إلى جانبه يبعده عنه خوفاً من وصول الرسائل من عشيقته.
• الإنفاق الزائد للمال: غالباً ما يشتكي الرجل الخائن من كثرة مصاريفه، وعدم قدرته على تأمين احتياجات المنزل، وقد يعمد إلى إخراج بطاقات ائتمان جديدة خاصة لمصاريف العشيقة الجديدة.
• يدلي بكلمات تجرحك: عندما يبدأ الرجل بتجريحك، والكلام عنك بالسوء، واختلاق المشاكل من فراغ، فهذا من أبرز علامات الخيانة الزوجية عند الرجل.
• الاهتمام المفرط: قد تكون إحدى علامات الخيانة التغير الإيجابي المفاجئ بشكل مبالغ فيه، كمحاولة إغداق الزوجة بالهدايا لتعويضها وللتخلص من الشعور بالذنب.
• الحساسية والتبرير الدائم: يكون الزوج حساساً عند سؤاله عن أمور معينة كأسباب تأخره خارج البيت مثلاً، فأحياناً يغضب وينفعل ويختلق مشكلة، وأحياناً أخرى يبالغ بالتبرير والشرح وإعطاء التفاصيل.
• اللامبالاة المفرطة وانعدام الرغبة الجنسية: من علامات الخيانة الزوجية الواضحة عند الرجل لامبالاته بزوجته وعدم رغبته في ممارسة الجنس معها، أو عدم اكتراثه برفضها ممارسة الجنس معه.
موضوعات ذات علاقة:
غالباً ما تكون الخيانة الزوجية لدى الرجال بنسبة أكبر من النساء إلا أن هذا لا يعني عدم إقبال الزوجة على الخيانة، لكن ما هي علامات الخيانة عند الزوجة؟
• ابتعاد الزوجة عن أهل الزوج وأصدقائه وأقاربه، فهي غالباً ما تبدأ بالشعور بالذنب، وبالتالي الابتعاد عن كل ما يذكرها بخيانتها.
• تلجأ المرأة الخائنة إلى اعتماد أسلوب التذمر الدائم من كل شيء، كالتذمر من تصرفات زوجها وأخلاقه.
• من علامات خيانة المرأة لزوجها الغموض، بسبب خوفها الدائم أن يكتشف زوجها أمر خيانتها، لذلك تلتزم الصمت لفترات طويلة، ولا تصرح عن أي مشاريع لديها، خاصة عند خروجها من المنزل، وتحافظ على إبقاء هاتفها النقال في الوضع الصامت معظم الوقت.
• تبدأ المرأة الخائنة بإهمال متطلبات زوجها، وعدم الاكتراث بتحقيق رغباته.
• تبنى الحياة الزوجية على أساس التعاون والمشاركة في كل الأمور الحياتية، إلا أن خيانة المرأة لزوجها تجعلها تشعر بالاستقلالية، وعدم الرغبة في المشاركة.
• لاحظ الخبراء أن المرأة التي تخون زوجها تخف لديها الرغبة الجنسية، وتمارس معه العلاقة الحميمة ببرود وملل.
لا تنحصر الخيانة الزوجية بشكل واحد أو صورة واحدة، فللخيانة أشكال ومستويات مختلفة. قد تكون خيانة الرجل لزوجته بمجرد التغزل بنساء أخريات دون علمها ومحاولة لفت أنظارهن. وقد تكون خيانة المرأة لزوجها بمجرد الحديث مع رجل غريب سراً على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي!
فالخيانة ليست فقط إقامة علاقة غير شرعية كاملة مع شخص غير الشريك، بل ربما تكون الخيانة الزوجية بأمور أبسط وأصغر كثيراً، ولكن هذا لا يجعلها مبَررة أو مقبولة!
• المكالمات الهاتفية.
• اللقاءات الخارجية.
• التواصل الجسدي بأي شكل من الأشكال من خلال المقابلات السرية.
• محاولة التحرش بأشخاص غرباء بأي شكل من الأشكال.
• محاولة استمالة زملاء أو زميلات العمل بالنظر أو الغزل أو أي نوع من التلميحات أو الحركات هو أيضاً من أشكال الخيانة الزوجية!
• محاولة التقرب من المدير أو المديرة في العمل بشكل غير مقبول بهدف الحصول على ترقية أو زيادة ما، حتى إن لم يكن الهدف الخيانة بحد ذاتها، إلا أن هذا التصرف المشين يعتبر خيانة للشريك.
• الخيانة الإلكترونية، من خلال المحادثات النصية أو محادثات الصوت والفيديو سواء عبر برامج الدردشة كالواتس أب وسكايب أو وسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك، والتي قد تصل إلى علاقات أكثر عمقاً أيضاً. فرغم كل إيجابيات التكنولوجيا، إلا أنها وفرت طرقاً أسهل للخيانة والانحلال!
هذه فقط أشكال قليلة من صور الخيانة الزوجية المتعددة. ولكن السؤال الآن، ما هي نتائج هذه الخيانات المختلفة؟ وإلى أين تؤدي؟
من المؤكد أن العلاقة الزوجية بين الزوجين لن تظل جيدة بعد اكتشاف خيانة أحد طرفيها للآخر، وهنا سنستعرض أبرز نتائج الخيانة الزوجية على الأسرة والزوجين:
• انعدام الثقة بين الزوج والزوجة، وعدم تصديق الطرف الخائن.
• تسلل الشك المَرَضي إلى الزوجين.
• القلق والتوتر الدائمان وغياب البهجة والسعادة، وشعور الشخص الذي تمت خيانته بالاكتئاب وتزعزع الثقة بالنفس[4]، بينما قد يشعر الشخص الخائن باحتقار النفس وجلد الذات.
• العنف الأسري كرد فعل لخيانة المرأة للرجل، وأحياناً كرد فعل لاعتراض الزوجة على خيانة زوجها!
• يؤثر تدهور العلاقة بين الزوجين على العلاقة بين عائلتيهما، بالذات إن تم الإعلان عن الخيانة.
• تفكك الأسرة، وذلك أن العديد من قصص الخيانة الزوجية تنتهي بالطلاق.
• ولن ننسى بالتأكيد الأثر النفسي على الأطفال إن تم كشف الخيانة أو في حالة الطلاق وحرمانهم من أحد الوالدين.
• قد تصل نتائج الخيانة إلى حدود مأساوية جداً كجرائم القتل التي قد تؤدي إلى موت الزوجة وسجن الرجل وتشرد الأبناء.
الخيانة كما تبدو من خلف شاشات السينما قاسية، ظالمة، وغير منصفة. تضع الطرف الآخر أمام خيارين مرّين، خصوصاً إذا كان لدى الزوجين أبناء. ونحن عزيزي القارئ، لا نظنّك تخون، ولم نضع هذا المقال بين يديك إلا لتنصح أصدقاءك باتقاء هذا الفعل المشين.
[1] صفحة تعريفية "الخيانة" منشور في psychologytoday.com، تمت مراجعته في 30/7/2019.
[2] مقال Sheri Stritof "لماذا يخون المتزوجون؟" منشور في verywellmind.com، تمت مراجعته في 30/7/2019.
[3] مقال دكتور Robert Weiss "عشرة علامات للخيانة الزوجية" منشور في psychologytoday.com، تمت مراجعته في 30/7/2019.
[4] ملخص دراسة Susan H. Eaves, Misty Robertson-Smith تاريخ 2007 "العلاقة بين تقدير الذات والخيانة الزوجية" منشور في journals.sagepub.com، تمت مراجعته في 30/7/2019.
لتحميل كتاب:
تصرفي كسيدة وفكري كرجل كيف أتعامل مع زوجتي